Friday, December 08, 2006

تصريحات حسني .. وتعديلات مبارك

دافنينو سوا


مع وتيرة التصريحات التي أدلى بها وزير الثقافة المصري فاروق حسني, كانت اللحظة المرتقبة على أبوب التنفيذ. كانت وما زالت تلك اللحظة تختبئ في تصريحات فاروق حسني رغم ان التصريحات لازمت الشعب المصري والعربي والإسلامي بشكل عام منذ سنوات عديدة. إلا أن هذه المرة كانت مختلفة, ففي أحلك اللحظات التي يمر بها الشعب المصري إثر فضائح التحرشات الجنسية الجماعية, يأتي وزير الثقافة المصري, فاروق حسني ليفجر قنبلة من العيار الثقيل, مست كل مواطن مصري وعربي ومسلم.

كانت كلمات فاروق, تبرئ وجهة نظره, بل الأحرى عن رأيه حول الحجاب الذي نعته بالسبب وراء تخلف المرأة المصرية التي تخلفت للوراء مئات السنين بسببه. وعلى الرغم من أن هذه التصريحات جاءت من شخص وتعبر عن رأيه, إلا أنها بدت كتيار سياسي جديد, هدفه إشعال فتنة ما في وقت عصيب تمر به مصر والعالم العربي. كانت تصريحاته أشبه بالتحريض على المحجبات حيث ضرب مثالا بزوجته التي لم يتزوجها بعد, وقال أنه سوف لن يسمح لها بإرتداء الحجاب.

ذلك المثال أمر مؤسف بحد ذاته, لأنه يدل على سطحية التفكير لدى الوزير, فالأمر يعتبر بحد ذاته تناقضا واضحا حيث أنه لم يبقي مجالا للشك بأنه سطحي ومتخلف. كيف له أن يدعي الحرية في كل شيء وهو في ذات الوقت يكبح حرية التعبير لدى "زوجته" بمنعها من إرتداء الحجاب. وعليه فإني أرى أن تصريحات حسني لم تكن مجرد نقد للحجاب, بل هي تغطية لأمر أدهي, وهي أي تصريحاته جاءت كغطاء ما, لأمر لا يراد التحدث عنه, فقام بأخذ خطوة كهذه والتهجم على الحجاب ليثير التساؤلات وليوجه الأقلام ضده وليوجه الرأي العام ضده.

في ذلك الوقت الذي كان فاروق حسني يمسك بدراع "الحرية" والظهور على الفضائيات ليبرر تصريحاته التي أدلى بها حول تخلف المرأة بسبب الحجاب. وفي الوقت الذي كان يجمع ويجند فيه أصواتا من زمرته ومن أشكاله, من طبقة الفنانين, ومن بينهم حسين فهمي الذي إنفتح كنافورة ماء ذات يوم عبر محطة المحور, وساند حسني فاروق في تصريحاته, ومن ثم جاء بعد يومين الى المحطة نادما آسفا حيث أنه إعترف أن إبنته محجبة, وكان وجهه كأسفل نعلي لا يوصف بالكلمات. في ذلك الوقت كان الرئيس محمد حسني مبارك يعد العدة ويجهز نفسه, بعد أن إنتهى من إعداد التعديلات الدستورية التي بقي أن يوافق عليها بالإجماع فقط.

هي لعبة سياسية محبوكة ومدبرة جيدا, فما المغزى من التوقيت المثير للدهشة. في السادس عشر من نوفمبر قام وزير الثقافة فاروق حسني بالإدلاء بتصريحاته, حيث أنه كان يوم خميس وهو يوم لذيذ لدى الشيوخ والخطباء الذين يحبون التحدث عن مواضيع كهذه في خطب الجمعة, وتقليب الرأي العام. بعد 72 ساعة فقط, وعندما عرف كل مواطن مصري بخبر الحجاب وفاروق, أعلن الرئيس حسني مبارك عن رزمة التعديلات الدستورية التي سيقوم بها وكان ذلك يوم سبت التاسع عشر من نوفمبر. ثلاثة أيام يستطيع أن يجند فيها رأيا عاما وأن يثير فتنة كبيرة والأهم أنه يستطيع أن يصنع ذلك الأفيون الذي جعل الرأي العام, ينسى ولو بشكل كبير وليس كلي, تعديلات حسني مبارك.

لو نظرنا الى المادة السادسة والسبعون والتي تتعلق بالإنتخابات, فإننا نرى ان الإخوان المسلمون في مصر سيحرمون من أمور عديدة, وقد ساعدت تصريحات فاروق حسني في إبعاد الأضواء عن التعديلات الدستورية خصوصا ان قضية الحجاب تثير سخط الإخوان قبل غيرهم من فئات الشعب. الأمر المحزن في تصريحات الرئيس حسني مبارك, حين قال أنه سيبقى في منصبه طالما أن في صدره قلب ينبض, ونفس يتردد.

0 تعليقات: