Saturday, March 15, 2008

الرجل الأسود في البيت الأبيض


باراك حسين اوباما, السيناتور الأمريكي في ولاية إلينوي, المترشح للرئاسة الأمريكية هذا العام. يخوض هذه الأيام إنتخابات تمهيدية في الحزب الديموقراطي. الوضع في حزبه شديد التوتر, نظرا للصدفة التي جمعت بين المتنافسين على حزب الدمقراطيين حيث أن أوباما رجل أسود وهذا الأمر بحد ذاته سبق في تاريخ الانتخابات الامريكية, والأمر الآخر هو أن المتنافس الأشد له هي السيناتور هيلري كلينتون, زوجة بيل كلينتون, رئيس الولايات المتحدة الأسبق.

المفارقة أن رجلا أسود وإمرأة, يتنافسان في حزب واحد من أجل الوصول الى البيت الأبيض باتت تأخذ أشكالا مختلفة. وإستخدمت فيها طرق تشويه قذرة وعنصرية, وقد أثرت تلك الطرق بصورة أو بأخرى في تشويه صورة أوباما بشكل خاص عندما عرضت على الانترنت رسالة الى الكثير من الامريكيين حول أوباما وعلاقة إسمه بالدين الاسلامي.

هذا الامر الذي من شأنه اثارة الحفيظة لدى الشعب الامريكي, أثر على حملة أوباما كثيرا, كما أثرت تلك الصورة التي انتشرت في الانترنت وهي صورة اوباما عندما كان صغيرا في زيارة الى اندونيسا. ورغم ذلك فإن حملته نجحت في الحاق الهزائم بهيلري كلينتون.

التشهير لم ينبع فقط من المنافسة من الحزب الديموقراطي فحسب, بل ان المترشح الأقوى في الحزب الجمهوري, تمادى في خطاباته اللاذعة, حيث كان يكرر إسم "حسين" كلما سنحت له الفرصة, في كل خطاب كان يلقيه. ليس هذا فحسب, بل بدأ في تخيل سيناريو أن يفوز أوباما في الانتخابات, فماذا سيكون موقف المواطن الأمريكي اذا استيقظ ذات يوم وعلم ان رئيس بلاده شخص أسود.

من النقاط القوية, التي يعتمد عليها أوباما في الرد على كلينتون, هي الحرب على العراق. عندما كان التصويت يجري بشأن التأييد وعدم التأييد على الحرب في العراق في مجلس الشيوخ الأمريكي قبل حوالي الخمس سنوات, كان السيناتور أوباما من الفئة المعارضة للحرب, بينما كانت منافسته هيلري, تقف في صف الحكومة بشن الحرب على العراق. هذا الإختلاف في الموقفين, بات يأتي بنتيجة مثمرة في هذا العام الإنتخابي. كما هو معلوم أن الولايات المتحدة تواجه مواقفا صعبة للغاية في العراق, وتوصف حالتها على أنها غارقة في "وحل" المقاومة الشرسة الإستشهادية.

هذا الأمر يؤثر على الرأي العام الأمريكي بصورة جنونية. فالمواطن الأمريكي ليس ساذجا الى درجة أن يرسل الى هلاكه تلبية لطلب من الرئيس جورج بوش وزمرته من أجل "تحرير" العراق. الكثير من المصوتين في الحزب الديموقراطي, ينظرون الى الرئيس الجديد على أنه الذي سيعيد الجنود الى البلاد, وسيسعى لتصليح الولايات المتحدة الأمريكية من الداخل, وسيقدم للشعب الأمريكي مستقبلا أفضل.

الكثيرون يعتقدون أن أوباما هو الرجل المناسب للمنصب المناسب, فحملة التغيير التي يسير عليها ويتغنى بها, هي جوهر الإندفاع وراءه. المواطنون يردون إحداث فروق كبيرة, يريدون عدم الخوض في الحروب مجددا, يردون أن يعيشوا بسلام, ودون خوف مستمر, والأهم أن لا يكونوا ذريعة من أجل فرض "سيطرة" الولايات المتحدة على الدول والشعوب الأخرى في مختلف أنحاء العالم.

حملة أوباما مليئة بالشباب, والعطاء, وهذا يفسر تنامي التأييد الذي يلاقيه في ولايات أمريكية تشير الإحصائات فيها الى ان تأييد أوباما قليل نسبيا, الا أن الحقيقة كانت غير ذلك, فقد إستطاع بطريقته الجادة أن يحدث فرقا لدى الجماهير, وأن يجعلهم يثقون بخططه المستقبلية الواعدة نحو التغيير.

كما هي العادة في كل حملة إنتخابات في الغرب عامة, لا بد وأن تذكر ملفات كثيرة خصوصا في المحاورات التنافسية بين المترشحين, تلك الحوارات التي تجري على الهواء مباشرة أمام ملايين المشاهدين. كلنا نذكر ذلك الحوار الشهير الذي دار بين المترشحين في الإنتخابات الفرنسية قبل عام, والذي جمع نيكولا ساركوزي, الرئيس الفرنسي الحالي, بالسيدة سيجولين رويال. حيث طرحت عدة ملفات, منها ملف إيران والطاقة النووية والتسلح النووي, ونذكر كيف كان الحوار يأخذ أشكالا من التوتر. حتى لجأ ساركوزي الى طرح أسئلة حول الشرق الأوسط, وعن كيفية حماية إسرائيل, من الدول المعادية لفرنسا وللغرب.

الأمر يشابه الذي يحدث هذا العام في الولايات المتحدة الأمريكية, حيث أن كلا من أوباما وكلينتون إجتمعا في حوار مباشر, وقد طرحت أسئلة وملفات كثيرة, كما كانت لإسرائيل وقتها الخاص في ذلك الحوار, والأمر المتوقع كان أن الطرفان ينظران في نفس الإتجاه في ما يتعلق بمصلحة وأمن إسرائيل.

يذكر أوباما أنه يلقى دعما كبيرا من اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة, كما أعرب أنه يكن الإمتنان والإحترام لدولة إسرائيل, صديقة الولايات المتحدة في المنطقة. هذا الأمر لم يكن مختلفا لدى منافسته كلينتون, ولا حتى لدى منافسهما في الحزب الجمهوري, فكلهم يسعون من أجل مصلحة إسرائيل فوق أي مصلحة أخرى لهم في المنطقة.

في المقابل, فقد رأينا أوباما يتوجه نحو الوسطية في تصريحاته التي تتعلق بالدول العربية والإسلامية. لم ينكر الرجل أن لإسم أبيه علاقة بالدين الإسلامي, حيث أنه ذكر في إحدى الخطابات, أنه يذكر في صغره زيارة لدولة إسلامية, ويذكر كلمة "أهلا" في لغة تلك الدولة, وهذا أمر إيجابي. بذلك يوضح لنا أوباما, أن علاقته بالدول الإسلامية لها إيجابية خصوصا عندما يتعلق الأمر بالحوار بين الولايات المتحدة وبين الدول الإسلامية والعربية.

في تصريح له ذكر أنه إن فاز في الإنتخابات, فسوف يقيم قمة تجمع بين الولايات المتحدة والدول الإسلامية. أوباما يطمح لجعل العلاقة المتوترة بين الدول الإسلامية وبين الولايات المتحدة الأمريكية, علاقة وطيدة مسالمة.

لو أقفنا في نهاية هذا العام الحالي, ورأينا على شاشة التلفاز رجلا شابا, أسمر البشرة, يتحدث ويلقي بخطاب الى الشعب الأمريكي وشعوب العالم كلها, مهنئا بعام جديد على العالم كله, وأمعنا النظر في ما يكتب أسفل الشاشة وإذا بنا نرى أنه رئيس الولايات المتحدة, باراك أوباما. فما الذي سيحدث عندها, هل سنرى بصيص نور التغيير, هل ستنتهي الحرب في العراق, هل سيحدث تغيير في الشرق الأوسط, في فلسطين ولبنان, هل سيطبق حينها المثال القائل: الرجل الأسود في البيت الأبيض؟!.

1 تعليقات:

.... said...

موقعي الجديد بسوي مصاري من وراه: مشغل صحفيين للموقع فلسطين اليوم
ps-today.blogspot.com